في احدى الليالي، وفي عام ١٧١٣ حلمت بأنني أقمت عهدًا مع الشيطان مقابل بيع نفسي له، كل شيء جرى كما تمنيت، حيث عرف خادمي كل أمنيةٍ لدي، ومن بين أمور أخرى أعطيته الكمان الذي بحوزتي لِأرى إن كان بإمكانه العزف، وكم كانت دهشتي كبيرة لدى سماعي سوناتا في غاية الروعة والجمال، لقد جرى عزفها بفن عظيم وذكاء لم أكن لِأتصورها في أشد رحلات الخيال جُرأة، كنت أقف بِإعجاب...لقد نقلتني إلى عالم من النشوة والسحر، لم أقوى على التنفس فصحوت...التقطت الكمان في الحال لعلي أحفظ مقطعًا من المعزوفة على الأقل، أو ما أنطبع من حلمي، لكن عبثًا ! في الواقع كانت هذه الموسيقى التي سمعتها في الحلم أفضل ما كتبت من نوتات على الإطلاق، وما زلت أدعوها "هزة الشيطان" لقد كان الفرق بينها وبين ما استطعت حفظه مِنها كبيرًا، لدرجة أنني رغبت في تدمير آلتي، وقول كلمة "وداعًا" إلى الموسيقى لِلأبد، إذ أعطتني كل المتعة الممكنة التي عشتها والتي لا تتكرر.
في أيامنا هذه تعتبر "معزوفة الشيطان" من أبرز أعمال (تارتيني) شهرة، وهي تتطلب تقنيًا هزات من التوقفات المزدوجة، وهي صعبة العزف حتى في المقاييس الحديثة، وهناك خرافة جرى تناقلها في القرن الـ ١٩ بأن (تارتيني) كان لديه ٦ أصابع في يده اليسرى مما جعل من هذه الهزات أكثر يُسْرًا لعزفها.
وأخيرًا، هل تلقى (تارتيني) معزوفته من الشيطان ؟ أم انهُ تعمّد خلق هذه القصة ليتألق نجمه بين كبار الموسيقيين في أوروبا ؟.